الخميس، 10 أكتوبر 2019

سوريا | الاجتياح التركي للأراضي السورية يُنذر بتغيير ديمغرافي وشرق الفرات اسكندرون جديد، وتركمان سوريا على خطى شمال قبرص



Unews Press Agency
Thu 10 Oct 2019
قاسم متيرك - بيروت

بات الإجتياح العسكري التركي لمناطق في شرق الفرات أمرا واقعا، وتتوقع تركيا ان تنجز في غضون أيام احتلالها لأكثر من 400 كلم بعمق 30 كلم على طول الشريط الحدودي مع سوريا من جرابلس في الغرب إلى اليعربية في الشرق.

وستضم تركيا المناطق السورية المحتلة في شرق الفرات الى المناطق التي احتلتها في آذار/ مارس من العام الماضي (2018) غربي الفرات في أعزاز وعفرين، والقيام بتكوين جدار بشري تكون الأغلبية فيه لغير الأكراد.

وكان الرئيس التركي رجب اردوغان أعلن أمس الأربعاء 9-10-2019 عن انطلاق عملية عسكرية بعنوان "نبع السلام" داخل الأراضي السورية، وقال ان هدفها طرد المقاتلين الأكراد، وانشاء منطقة آمنة لتوطين أكثر من مليوني لاجئ سوري، وستؤدي هذه العملية في حال نجاحها إلى إحداث تغيير ديمغرافي يفصل أكراد تركيا عن أكراد سوريا، والتأسيس لكتلة بشرية سورية عربية سنية موالية لتركيا.

وتكرر تركيا في الشمال السوري سيناريوهات قديمة عندما ضمت عام 1939 بالقوة لواء الاسكندرون السوري بهدف حرمان حلب من منفذ بحري، واضعافها اقتصاديا، وخلال العام الماضي اجتاحت الدبابات التركية مناطق أعزاز وعفرين المجاورة للواء الاسكندرون، وتستمر الى الآن بتوفر الحماية في ادلب للجماعات المسلحة المتحدرة من تنظيم القاعدة الارهابي.

كما اجتاحت القوات التركية عام 1983 الجزء الشمالي من قبرص، وأعلنت عن انشاء جمهورية قبرص التركية تحت عنوان حماية السكان من الأصول التركية.

وبدأت العملية التركية في شرق الفرات بإعلان الولايات المتحدة الأميركية عن وقف الدوريات الحدودية المشتركة مع الأكراد، وسحب الجنود الأميركيين من منطقة العمليات التركية، ونقلهم إلى 10 قواعد أميركية جنوب الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بمدينة عين عيسى، ومنها بتقاطع تل تمر المتفرع إلى القامشلي والحسكة.

ويُعتبر طريق حلب الدولي الذي يمتد من اليعربية على الحدود مع العراق إلى حلب، هو الحدود المتوقعة لفصل مناطق الاحتلال التركي عن مناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها قوات كردية موالية للولايات المتحدة الأميركي (قسد).

وتستعين القوات التركية بميليشيات سورية تطلق عليها اسم "الجيش الوطني السوري" الذي أسسته انقرة في ايار/ مايو 2017، ويتشكل من جماعات تركمانية وعربية سبق ان استخدمتها في احتلال اعزاز وعفرين في اذار/ مارس 2018. وتشكل هذه الميليشيات طليعة القوات البرية التركية المتوغلة حاليا في الأراضي السورية، والتي قامت سابقا بأعمال انتقامية بحق الأكراد في العام الماضي خلال مشاركتها في عملية درع الفرات في عفرين، وتقول الدولة التركية أنها ستسلم المناطق التي تحتلها في شرق الفرات الى هذه الميليشيات بحيث تديرها لصالح تركيا، بواسطة حكومة محلية تابعة للإئتلاف السوري المعارض المدعوم من تركيا.

لم تخف انقرة أهداف الاجتياح التركي لشرق الفرات في الشمال السوري، ولم تبدأ تركيا هجومها إلا بعد موافقة الجانب الأميركي، وكشفت كبيرة مستشاري رئاسة الجمهورية التركية أن الرئيس رجب أردوغان تفاهم مع نظيره الأميركي دونالد ترامب مسبقا، وأطلعه على تفاصيل وأهداف العملية، وذلك في اطار ردها على الخطوط الحمر التي رسمها ترامب.

وكان الجانبان التركي والأميركي اتفقا في آب الماضي على إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، تهدف إلى فتح ممرات آمنة لنقل اللاجئين السوريين من تركيا، وتوطينهم في شريط حدودي داخل الأراضي السورية، لكن أنقرة اتهمت واشنطن بعدم الجدية في تنفيذ الاتفاق وقالت انها لم تقم بتحجيم نفوذ قوات سوريا الديمقراطية في هذا الشريط.

وشكل الاجتياح التركي للشمال السوري حافزا للرئيس الأميركي لاعادة إحياء تصريحاته القديمة بسحب القوات الأميركية من سوريا بعد انجاز مهمتها بالقضاء على داعش، وهو ما أعاد الجدل بين الأقطاب في واشنطن حول جدوى سحب القوات الاميركية.

ورفضت ايران وروسيا العملية التركية، ودعت الأكراد إلى تحمل المسؤولية والاتفاق مع الحكومة السورية على عودة الدولة بمؤسساتها الى شرق الفرات، ووصفت سوريا العملية العسكرية التركية بالعدوان، فيما طلبت وزارة الخارجية الايرانية في بيان لها، تركيا بوقف هجومها العسكري ، والانسحاب فورا.

وبالرغم من الموقف الأميركي المتساهل مع الاجتياح التركي فإن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال تعتقد بأن الولايات المتحدة توفر لها الحماية، لذلك لم تقم بمبادرات جدية للتفاوض مع الحكومة السورية.

وتعتقد تركيا ان احتلالها للأراضي السورية الواقعة على حدودها الجنوبية سيقضي على حلم أكراد سوريا بتأسيس منطقة ذاتية اعلنوها في آذار/ مايو 2016، ووضعوا لها دستورها الخاص ونظامها الانتخابي (انتخابات ايلول/ سبتمبر 2017) والإداري، وشكلوا قوات عسكرية بدعم أميركي عملت منذ العام 2015 كقوات برية تابعة للتحالف الدولي في مواجهة تنظيم داعش الذي سبق ان تمدد شرق الفرات تحت أنظار تركيا والتي سهلت دخول عناصره عبر ممرات حدودية آمنة.

في 23 آذار/ مارس 2019، أعلنت قوات سورية الديموقراطية "قسد" القضاء التام على داعش، وشكل هذا الإعلان بداية خلاف بين الأميركيين والاتراك حول المناطق الكردية في الشمال السوري، حيث يتمركز مخزون سوريا من الغاز والنفط، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية الخصبة، فبينما ترغب واشنطن في رؤية منطقة كردية ذاتية تحكم نفسها بنفسها على غرار كردستان العراق، ترى انقرة في هذا الكيان الكردي تهديداً لها، لأنه سيشجع أكرادها على التمرد والانضمام اليه.
© Unews Press Agency 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق